إعداد الباحث: مهنا نعيم نجم.
بسم الله الرحمن الرحيم.
فن الإلقاء الدعوي:
أهمية الإلقاء في الدعوة:
للإلقاء أهمية كبيرة؛ فهو الوسيلة الأولى التي يمكن للداعية أن يستخدمها لإيصال ما يريده للآخرين، ولا تغني الوسائل الحديثة والمبتكرة للتواصل مع الغير عنه، وإنما هي وسائل مساعدة ينبغي الاستفادة منها واستغلالها.
وقد استخدم أسلوب الإلقاء في الدعوة أفضل البشر وهم الرسل، فكان نبينا محمد -صلى الله عليه وسلم- يستخدمه ودخل الناس بسبب ذلك في دين الله أفواجًا، وكذلك استخدمه خلفاء رسولنا، وكثير من أصحابه -رضي الله عنهم- ومن ثم العلماء والدعاة من بعدهم حتى يوم الدين.
بل لا يقتصر أمر الاستفادة من مهارة الإلقاء على من سبق ذكرهم حيث استفاد منها الرؤساء والزعماء من كل جنس ولون، وكانت وسيلتهم في كسب قلوب أتباعهم، والتفافهم حولهم، ويمكننا أن نقول جازمين أنه ما من زعيم أو قائد برز اسمه واشتهر ذكره إلا وله في فن الإلقاء والخطابة نصيب وافر إلا ما ندر.
وقفة:
الإلقاء بات سلاحًا من أسلحة الدعوة إلى الله ينبغي الاهتمام به، والإلمام بفنونه؛ كي نضمن
-بإذن الله- وصول المعلومة الصحيحة إلى المدعوين، ومن ثم يكون التغيير المراد في وجهات النظر، وفي السلوك.
هل يمكنني اكتساب القدرة على الإلقاء الناجح؟
الجواب بلا جدال نعم، فالإلقاء الناجح مهارة يمكن اكتسابها كباقي المهارات مثل الخط وقيادة السيارة وغير ذلك، والإنسان العاقل بطبيعته وبما وهبه الله من نِعَم قادر على اكتساب هذه المهارة مهما كان جنسه، ومهما بلغت سنه إلا أن يكون لديه مانع عضوي من ذلك كالصغير جدًا، أو من لديه مشكلات حقيقية في النطق.
واكتساب مهارة الإلقاء يحتاج إلى بعض المعلومات مع بعض التدريبات التطبيقية، وتنمو هذه المهارة مع الزمن، ومع طول الممارسة، وزيادة المعلومات حولها وحول إتقانها، ومهمة الواعظ أن يحرّك عواطف الناس، ويهز قلوبهم، ولا نفع في واعظ خاوي الضمير، جاف الروح، يتحدث ببرود وجفاف، ويذكر الجنة والنار والموت والقبر وكأنه يعرِض مسألة في الهندسة أو في الحساب … ومتى شعر المستمع بتفاعل المتكلّم مع قضيّته، وجديّته في عرضها أقبلوا إليه وتأثروا به، وقديمًا سأل بعض السلف والده: يا أبتِ ما بالك إذا تحدثت أبكيت الناس بكلام سهل قريب، ويتحدث غيرك فلا يُبكيهم! فقال له: يا بني لا تستوي النائحة الثكلى والنائحة المستأجرة!
مفهوم الخطابة في اللغة:
الخطابة: هي الكلام المنثور، يُخاطب به متكلم فصيح جمعًا من الناس لإقناعهم.
نقاط مهمة في التعريف:
1- كلام منثور: أي لا تجعله كثير الشعر، وإنما جمِّله بالشعر.
2- متكلم فصيح: فلا تجوز للجاهل باللغة ولن ينجح فيها.
3- جمعًا من الناس: أي الجمهور مهم فلا تخاطب نفسك، واحتياجاتك في الخطبة، فلن تؤثر في الناس، وإنما خاطبهم، وخاطب احتياجاتهم حتى تؤثر، وتجذب الجمهور لكلامك.
باختصار: الخطابة هي فن مشافهة الجماهير والتأثير عليهم.
عناصر الخطابة:
للخطابة عنصران مهمان يجب أن ترتكز عليهما، وإلا لن تكون كاملة
1- العقل: أي الإقناع بالدليل والبرهان.
2- القلب: أي التأثير على المشاعر والأحاسيس.
قال تعالى: (وعظهم وقل لهم في أنفسهم قولاً بليغًا).
مفهوم الإلقاء الناجح:
الإلقاء الناجح عبارة عن قيام المُلقي بنقل بعض معلوماته ومشاعره وأحاسيسه عن طريق الكلام إلى المُلقى إليه، مستخدمًا في ذلك ما يمكن استخدامه من أجزاء جسده ونبرات صوته.
عناصر الإلقاء الدعوي الناجح:
1- معلومات لدى المُلقي: المقصود وجود معلومات كافية حول الموضوع الذي يريد الكلام حوله.
2- نقل مشاعر وأحاسيس المُلقي للمستمعين: ويعني أن يتأثر المُلقي “الداعية” بخطابه قبل أن يؤثر في غيره.
3- الكلام: وهو وسيلة الإلقاء الأساسية، ويتعلق بالكلام عدد من الأمور لا بد من توفرها لنجاح الإلقاء فمنها: وضوح الصوت، وسلامة تركيب الكلمات، والتخفيض والشدّة، والهدوء .. وغير ذلك.
4- استخدام بعض أجزاء الجسد في الإلقاء: كاليدين، وتعبيرات الوجه، وحركة الجسم بحسب الموقف والموضوع.
5- نبرات الصوت: حيث إن نبرة الصوت من الأشياء المهمة في الإلقاء؛ فالصوت الخافت البطيئ يجلب النوم، ومثله الصوت الذي يكون على وتيرة واحدة، والصوت القوي السريع يجلب النشاط والانتباه، كما أن بعض نبرات الصوت تجلب الحزن، وبعضها تجلب الفرح.
ملحوظات مهمة:
· إن الدراسات الحديثة أثبتت أن تأثير الخطبة ينقسم كما يلي: “دراسة بريطانية” 7% على الموضوع 37% على الأسلوب الذي يستخدمه الخطيب ب56% على التعابير للوجه، وحركات اليدين، وعلى الرغم من هذه النسبة الضئيلة للكلمات والعبارات إلا أنها قد تبلغ 100% عند الشخص الآخر لذلك اختر كلماتك بعناية.
· هناك ثلاثة أشياء مهمة في الخطاب: من يلقيه؟ وكيف يلقيه؟ وما الذي يقوله؟
وسائل اكتساب الذاتية الدعوية:
لا شك أن لشخصية الداعية دور مهم جدًا في إبلاغ الرسالة والمطلوب منه، وكثير هم الذين تأثروا من سلوك الداعية، وتابوا إلى الله حين رأوا الدعاة الربانيين، وسلوكهم، وتصرفاتهم.
ومن هنا لا بد للداعية أن يكسب قلوب المستمعين أو الآخرين؛ كي يمكن من حمل الدعوة، والذود عن حماها، والدفاع عن رايتها، والالتحاق في صفوف جنودها، وبذلك يصبح الداعية المحبوب إذا غاب سُئل عنه، وإذا حضر لا يُمل منه.
اكتساب الذاتية الدعوية “الشخصية الدعوية”:
أولاً- التميز الإيماني والتفوق الروحاني:
لا بد أن ندرك أن أول أساسيات المبادرة والعطاء حسن الصلة بالله تعالى، وعظيم الإيمان به وجميل التوكل عليه، والخوف منه، وهكذا كان السلف الصالح عندما أخلصوا لله كان سمتهم ورؤيتهم موعظة مؤثرة، وأن الواحد منهم ليقول الكلمة يهدي بها الفئات من الناس؛ فقوة الصلة بالله تجلب التوفيق والتأثير في الآخرين، كما كان الرجل الصالح محمد بن واسع إذا رؤي ذُكر الله.
ثانيًا- النظر في سيرة الرسول -صلى الله عليه وسلم- وأحوال السلف:
إن اتباع نهج سيد الدعاة -عليه الصلاة والسلام- والنظر في أحوال السلف الصالح، والدعاة مع العمل للإسلام له دور كبير في إشعال الهمة، واكتساب الخبرة، وإيقاظ الحماسة في قلب المرء المسلم لاستغلال وقته وجهده للعمل لنصرة هذا الدين.
والذي يتبع ويعمل للإسلام كالشجر المثمر المفيد ينحني تواضعًا، ويعطي ثمارًا للزارع والحاصد، والذي يعمل دون اتباع كشجر السرو المثمر دون فائدة يرتفع متكبرًا، وهو يعلم أن الناس ما نظروا إليه ولا طلبوه.
فائدة:
حال المتكبر كالواقف على جبل يرى الناس كالذر، والناس لا يرونه.
ثالثًا- الزاد العلمي والرصيد الثقافي:
إن التميز الإيماني لا بد أن يعضده الجانب العلمي؛ لذا علينا أن:
1- نفهم الإسلام بشموله، ونقف على حقائقه وأحكامه، ونعنى بقواعده وأصوله، وأن نتدارسه من مصدريه الكتاب والسنة (فاعلم أنه لا إله إلا الله واستغفر لذنبك) محمد: 19.
2- ينبغي للمؤمن الداعية أن يتعرف على خصائص الإسلام الذي يتبعه، ويستشعر مشاعره في نفسه، ويعظم دينه، ويعلم زيف ما سواه ليتحرك من أجله، ويكون الدين كله لله.
3- إذا توفر للداعية رصيد علمي مناسب، وزاد ثقافي جيد كان ذلك عونًا له في دعوته، ورافدًا من روافد نجاحه، ومبادرته الذاتية.
فائدة:
أن تكون متعلم مثقف أفضل من أن تكون مثقف فكن متخصص بعلم ومثقف بالعلوم.
رابعًا- معرفة فقه الدعوة والعمل للإسلام:
لا بد ابتداءً معرفة الدافع للدعوة والعمل للإسلام، لمن يتحرك الداعية؟ لمن يدعو؟ ما هو الهدف من التحرك والدعوة؟ أريد أن أعمل للإسلام؟ وتقسم إلى:
1- متى أعمل وأدعو؟
2- أين أعمل وأدعو؟
3- كيف أعمل وأدعو؟
الهدف من التحرك، والعمل، والدعوة: هو رضا الله ونصرة دينه ثم الجنة، إذا عرف الداعية ذلك الهدف، وتم تحديده، ولم يحد عنه زاد عطاؤه، وتكاثفت جهوده، وتطورت وسائله وطرقه، فلا يهدأ حتى يحقق الهدف.
خامسًا- استشعار الأجر:
وهذه مسألة ضرورية، وعامل رئيسي في الاندفاع نحو العمل والدعوة الذاتية، ولعل هذا هو السر في تبيان أجر بعض العبادات حتى يكون دافعًا للعمل والعطاء، فإذا عرف صاحب الذاتية أن كل حركة وسكنة يتحركها المهتدي، وكل تسبيحة أو ركعة أو سجدة يفعلها، وكل إحسان يجريه الله على يديه فإنما يكون في ميزان أعماله، وأن له مثل أجره مصداقًا لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (الدال على الخير كفاعله) فإنه لا شك سيتحرك الحركة الذاتية التي تجلب له هذا الخير الذي يتنامى يومًا بعد يوم.
وقفة:
لماذا أبو بكر الصديق يعادل إيمانه إيمان الأمة.
سادسًا- استشعار أن الجنة محفوفة بالمكاره:
· يجب أن يعرف جيدًا أن المعالي لا تدرك بالجلوس على المقاهي وأمام شاشات التلفزة لمشاهدة كل جديد من عالم الموضة.
· إنما المعالي تدرك بالسير على خطى أصحاب المعالي.
· يتطلب من الداعي طاقة وهمة عالية تتناسب مع ذلك المطلب العالي وهو الجنة فإذا عرف المسلم هذا سوف يجعله يتحرك التحرك الذاتي للوصول إلى الهدف، قال الله تعالى: (فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين جزاء بما كانوا يعملون) السجدة: 17.
سابعًا- حمل هم الدعوة للعمل للإسلام:
· إن انتمائي للإسلام يجب أن يجعل مني صاحب رسالة.
· يفرض عليّ انتمائي للإسلام أن أعمل؛ ليكون المجتمع الذي أعيش فيه مسلمًا ملتزمًا بقوانين الله تعالى، إنه لا يكف أن أكون مسلمًا وحدي دونما اهتمام بمن حولي.
· لا يمكن دعوة الآخرين وجعلهم يعملون للإسلام إلا بالقدوة الحسنة والسلوك الحسن وتطبيق الدعوة على النفس.
ثامنًا- المعايشة الجماعية وفقه الواقع:
· تعتبر المعايشة الدعوية الجماعية دافع للحركة والدعوة.
· المعايشة الدعوية الجماعية دائمًا تكون أفضل من الانفرادية بالدعوية، والسبب بسيط؛ لأنه لا يستطيع أن يدعو لوحده دون التعلم من غيره وتعليم غيره.
· توظيف الداعية لملكاته وجهوده وطاقاته في خدمة دعوته ونشر دينه ومعايشته الجماعية تعطيه قوة وهمة بعكس الفردية؛ فإن المرء يشعر غالبًا معها بالفتور والكسل.
· يجب أن يكون الداعية نموذج متحرك وعملي للدعوة التي يحملها وينادي بها ويدعو لها، إذ أن ذلك من أهم عوامل التأثير.
· اجعل دعوتك مسألة حيوية حارة يتحدث بها الناس في مجالسهم ومنازلهم مع أصدقائهم وأهليهم فيلقى الرجل أخاه فلا يحدثه إلا عنها، ويزور الصديق صديقه فتكون أقرب المسائل إلى حديثهما ويسمر السامرون فيدور جدلهم حولها.
· يجب أن يظهر الداعية في المجتمع بظواهر الاهتمام لهذا الدين والحماس لهذه الدعوة كما قال الصديق -رضي الله عنه- أينقص الدين وأنا حي، فالداعية لا يفكر إلا في الدعوة، ولا يفرح إلا للدعوة، ولا يحزن إلا للدعوة، ولا يبكي إلا على الدعوة.
· لا يمكن لداعية أن يكسب قلوب الآخرين إلا إذا أحبوه وشعروا منه العطف والرفق وحب الخير لهم، وأنهم أسرة واحدة؛ فيعود مرضاهم، ويسأل عن غائبهم، ويشارك في وضع الحلول لمشكلاتهم، وكلما اقترب من الجمهور ووقف بجانبهم في أزماتهم، كان ذلك أدعى إلى التفافهم حوله، مع ملاحظة أن يعف نفسه عما في أيدي الناس، وكما ورد في الحديث الشريف (ازهد في الدنيا يحبك الله وازهد فيما في أيدي الناس يحبوك) “رواه ابن ماجه بسند صحيح”.
تاسعًا- الدعاء:
· إن العمل لهذا الدين هو هبة ومنحة من الله يمن بها على من شاء من عباده، وما دام الأمر كذلك فالجأ أخي المسلم إلى ربك ومولاك واسأله بقلب خاضع ولسان صادق وجوارح خاشعة فهو المسؤول أن يقوي إرادتنا، ويعلي همتنا لهذا الدين قال الفاروق -رضي الله عنه- في دعائه: اللهم إني ضعيف عن العمل بطاعتك فارزقني النشاط فيها.
· الداعي يجد أنسه وسروره وفرحته في نصر يصيب الإسلام، أو خير يتحقق على يديه، أو واجب يوفق إلى أدائه ويحس بلذة غامرة تغمره إذا هو أنفق جل وقته في أمور الدعوة.
قواعد الدعوة “القواعد الهدهدية”:
القاعدة الأولى: “الإحاطة”:
قال تعالى: (فقال أحطتُ بما لم تحط به): وهذه العبارة قالها الهدهد لسليمان عليه السلام، والإحاطة تقتضي الإدراك بمستوجبات ولوازم ومقتضيات الثمان الجهات الأفقية والثلاث الدرجات الراسية.
الجهات الأفقية هي: اليمين واليسار – الأمام والخلف – أمام اليمين وأمام اليسار – خلف اليمين وخلف اليسار.
المستويات الرأسية هي: الأعلى والوسط والأسفل.
إن هذه الجهات والمستويات تحمل معانٍ معنوية وباطنية يمكن حصرها إلى القلبيات، ومقتضاها الحب والكره، والعقليات ومقتضاها الاستحسان والاستقباح، والنفسيات، مثلاً:
يمين يسار، / أمام خلف، أمام يمين، أمام يسار، خلف يمين، خلف يسار.
وتعني: اللين الشدة الإقدام التراجع إقدام بلين “أمام يمين” إقدام بشدة تراجع بلين تراجع بشدة “خلف يسار”.
وكل صفة تحتمل لأحد المرادين:
1- المراد المحمود.
2- المراد المذموم.
أمثلة:
فقد يكون لينك القلبي محمودًا بأن تحب وتعطف وترحم من يجب محبته، وقد يكون مذمومًا بالاندفاع والتهور والاستعجال، وقد يكون محمودًا بالمسارعة والمسابقة والنجدة والنهضة، وقد يكون مذمومًا بالتقاعس وهكذا.
القاعدة الثانية: “البحث والتنقيب”:
قال تعالى: (إني وجدت امرأة تملكهم) وقلنا: إن إيجاد الشيء لا يتحقق إلا بعد البحث، وهناك تلازم بين الإحاطة والبحث، والبحث يتحقق بامتلاك قواعد الإحاطة المحكمة، أي تكون عندك محكمات الإحاطة فتبحث على أساسها -التي ذكرناها- ويكون ذلك بإعادة المتشابهات إلى محكماتها وأبجدياتها الأولية وأصولها الأساسية.
إن قدرة الإنسان على وصل المتشابهات بمحكماتها، والمبهمات بوضوحاتها، والمطلقات بمقيداتها بناءً على الترتيب والتتالي هو عين الصواب في تحقيق الغاية المطلوبة، مثال: لنفرض أنه قد ضاع عليك شيء ثمين في مكان كبير، ولديك فريق عمل للبحث عنه، يمكنك أن تقسم المكان إلى جهات تشمل جميع أجزاء المكان ، وهكذا يمكنك -بإذن الله- أن تقود فريق عمل البحث بأن تجده بيانات كل أفراد جهة، وما توصلت إليه من نتائج بحثهم، ثم من خلال تجميع كل بيانات فريق العمل سيصبح لديك إحاطة حسنة بالذي تريد البحث عنه.
القاعدة الثالثة: “الاستيقان”:
قال تعالى (وجئتك من سبأ بنبأ يقين) لا تتبع الظن والاحتمال لِتُكون حكم على الأشياء ..
قال تعالى (إن الظن لا يغني من الحق شيئًا) إن صنفًا من الناس يبني قلبياته وعقلياته ونفسياته على الظن والأماني، وهذا لا يحقق إلا سراب.
إن البحث يوصلك إلى الاستيقان القطعي بأن هذا أحمر وهذا أسود وهذا أخضر، …إلخ، وتعتبر المعاينة أهم أدوات الاستيقان قال صلى الله عليه وسلم: (ليس المعاين كالمخبر) وقال تعالى: (ولترونها عين اليقين)، والرؤية حسية ومعنوية وتتحقق الرؤية المعنوية بالقلب والعقل والنفس حتى تشاهدها عيانًا ببصرك الحسي والأصل في ذلك سلامة الاعتقاد واليقين بالله، قال تعالى: (ومن لم يجعل الله له نور فما له من نور) وفي الحديث القدسي: (فأكون البصر الذي يبصر به).
القاعدة الرابعة (الحمية)
قال تعالى: (ألا يسجدوا لله ) وهذا ما قاله الهدهد غضبًا وحمية على اليمنيين الذين كانوا يسجدون للشمس من دون الله.
الأصل في التوحيد هو النفي والإثبات (لا إله إلا الله)، وهنا يجب أن يكون كل مسلم عنده الحمية والغيرة التي وجدت عن الهدهد في الدعوة إلى الله ونشر رسالة التوحيد.
كيف يمكنني الوصول للإلقاء الناجح؟
أولاً- اختيار الموضوع المناسب:
وهذا أهم ما في الأمر، والأكثر منه أهمية اختيار الهدف من الموضوع، فإذا ما تم تحديد الهدف يتم تحديد الموضوع بسهولة، بل يكون قد اخترت الموضوع تلقائيًا.
والمقصود من الهدف هو ما يراد تحقيقه وإفادة السامعين به بحيث لا تكون الكلمة لمجرد تفريغ العواطف والأحاسيس من غير أن يكون لها فائدة للمستمعين ولا أن يكون لهم يد في إيقاعها أو منعها، فالحديث إلى الناس مثلاً عن أمر لا يقوم به إلا الحاكم أو المسؤول ليس مجديًا غالبًا ولا مفيدًا بل إنه من الممكن أن يسبب الضرر للملقي، وهذه إحدى أهم الخطوات التي لا بد من الاهتمام بها وإيلائها فائق العناية وذلك لأن بقية الخطوات مبنية عليها ومتفرعة عنها فمهما كانت درجة جودة الإلقاء فلن يكون له كبير فائدة وأهمية إذا كان الموضوع الذي يتكلم عنه غير مناسب للكلام عنه أو كان موضوعًا لا قيمة له.
ولكي يكون الموضوع مناسبًا لا بد من توفر أمور فيه من أهمها:
1- حسن الاختيار: بحيث يكون من صميم ما تجري به الحياة، وهذا يستلزم أمرين:
· أن يكون الموضوع مما يحتاجه المستمعون: إما لجهلهم به أو لتهاونهم فيه أو لإيضاح بعض ما يشكل فيه، أما إذا كان مما يعلمون وهم عاملون به أو مما لا يهمهم أو يتعلق بهم فإن الكلام في مثل ذلك مما يقل نفعه ويستثقل، ومما لا يجدي ولا يلقى قبولاً.
· أن يكون عنده تصور عن الجمهور الذي يستمع إلى الموضوع: ففي الحديث (حدثوا الناس بما يعقلون أتحبون أن يكذب الله ورسوله) بحيث يكون مناسبًا للأشخاص المستمعين فلا بد من مراعاة حال المستمعين وسنهم واهتماماتهم وخلفياتهم المعرفية، فما يناسب الشباب قد لا يناسب كبار السن، وما يناسب الفتيات قد لا يناسب الفتيان وهكذا، وبالطبع هناك موضوعات عامة يمكن التطرق إليها في التجمعات العامة التي فيها أكثر من فئة.
2- أن يكون الموضوع مناسبًا للزمان: فالكلام عن رمضان في أشهر الحج غير مناسب، والكلام عن الموت في مناسبة زواج غير مناسب بالمره، وهكذا لا بد من مراعاة الزمان الذي يلقى فيه الموضوع، وكلما كان التوافق أكثر مع الزمان والأحداث الجارية كان أوقع وأكثر قبولاً.
3- أن يكون الموضوع مناسبًا للمكان: وهذا شبيه بما قبله فالكلام عن فضل الزواج في المقبرة أو العزاء مستهجن، والكلام عن تلوث البيئة في المسجد غير ملائم وهكذا.
4- أن لا يُكرر الموضوع بأسلوب واحد: لأن هذا أيضًا مما قد يستثقله بعض الناس وينفرون منه ولا يرغبون في الاستماع إليه، وهذا لا يعني عدم تكرار بعض الموضوعات المهمة لأن تكرارها مهم ولا يكفي في بعضها الكلام لمرة واحدة، ولكن الذي نحذر منه هو تكرار نفس الموضوع بنفس الأسلوب والطريقة ولنفس الأشخاص، فإذا كان ولا بد من التكرار لنفس الأشخاص فيراعى في ذلك تغيير الأسلوب وطريقة العرض فيمكن ذكرها مرة مختصرة ومرة مفصلة ومرة تذكر بعض الأمور ومرة تترك وتذكر أمور أخرى تتعلق بها كما هي طريقة القرآن في ذكر القصص مثلاً.
ثانيًا- التحضير الجيّد للموضوع:
بحيث يقرأ عنه ويحفظ أدلته أو يكتبها وأن يعرف معانيها وكذلك أن يتقن قراءة الآيات والأحاديث والأسماء والأماكن التي سترد في موضوعه.
ومن الأخطاء الشائعة المستهجنة الكلام عن بعض الآيات أو الأحاديث من غير الرجوع إلى الكتب المعتمدة في بيان معانيها ودلالاتها بحيث يقتصر بعضهم على فهمه الشخصي المتبادر من لفظ النص الشرعي وقد يكون هذا الفهم مغايرًا لمدلول الآية أو الحديث وفي هذا من الخطورة والقول على الله بلا علم ما لا يخفى.
ولا يتوهم متوهم أن التحضير مما يعيب مقدرة المتحدث ويقلل من كفاءته وعلى المتحدث أن يدرس الموضوع دراسة وافية شاملة محللاً إياه إلى عناصر بارزة رئيسية وخطوات واضحة حتى يستطيع أن يتنقل بالمستمع من حلقة إلى أخرى.
ثالثًا- ممارسة الإلقاء تدريجيًا:
وهذه الخطوة تعتبر عائقًا لدى كثير من المبتدئين في مجال الإلقاء حيث يشعر المبتدئ بالحرج والرهبة من مقابلة الناس والحديث أمامهم وهذا شيء معتاد بل هو حاصل في أي مهارة أخرى كقيادة السيارة مثلاً لأول مرة.
ويمكن التغلب على الخوف والرهبة بالعزيمة والتكرار مع التدرج في ذلك لئلا يقع الشخص في موقف حرج يمكن أن يسبب له امتناعًا وانصرافًا عن الإلقاء بشكل كامل.
رابعًا- العزم على العمل بما تقول:
لأن العمل هو غاية العلم وبه يكون الفلاح (قد أفلح من زكاها) ولذا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يستعيذ من العلم الذي لا ينفع (اللهم إني أعوذ بك من علم لا ينفع…).
والناس ينظرون إلى الداعية على أنه القدوة، وقد قيل: “الدعوة إلى البر والمخالفة عنه في سلوك الداعين إليه هي الآفة التي تصيب النفوس بالشك لا في الدعاة وحدهم ولكن في الدعوات ذاتها، وهي التي تبلبل قلوب الناس وأفكارهم لأنهم يسمعون قولاً جميلاً ويشهدون فعلاً قبيحًا فتتملكهم الحيرة بين القول والفعل وتخبو في أرواحهم الشعلة التي توقدها العقيدة وينطفئ في قلوبهم النور الذي يشعه الإيمان ولا يعودون يثقون في الدين بعد ما فقدوا ثقتهم ث برجال الدين”.
خامسًا- مهام قبل الخطبة “الإلقاء”:
1- قواعد عامة تخص المُلقي:
– اعرف المنظمة الراعية واجمع معلومات عنها.
– اسأل من دعاك لم اختارك؟
– اسأل هل ستكون الوحيد أم هناك أحد آخر سيلقي قبلك أو بعدك؟
– اسأل عن الجمهور واطلب معلومات عنهم؟
2- قواعد عامة تخص الجمهور:
– لا تشكل انطباعًا مسبقًا عن الجمهور بل اجمع معلومات عنهم.
– اجعل الخطبة تتناسب مع الجمهور فلا يوجد جمهوران متشابهان واستخدم قاعدة الخطبة الذهبية “شكل حديثك حسب جمهورك”.
– إذا كان الجمهور مخالفًا لرأيك فشكل حديثك بحيث أن تذكر نقاط التوافق أولاً.
– تأكد من أنك قد ركزت على النقاط المهمة للجمهور قبل الانتقال لما يهمك إيصاله.
– إذا كان الجمهور صغير أقل من 25 سيكون انتباه أكثر من قبل الجمهور، اتصل بالجميع عن طريق العين، انظر إليهم فهذا يجعلك تكسب انتباههم، اطرح أسئلة مباشرة متعلقة بالجمهور.
– جمهور كبير – أكثر من 25 سيكون سرحان أكبر وتشتت الانتباه من قبل الجمهور- تأكد من رؤية الجميع لك ويسمعوك وخاصة الذين في الخلف – همس مع الجار – اربط ولخص وكرر النقاط المهمة .
3- قواعد عامة تخص اللقاء “الأسئلة التحضيرية الثمانية”:
– من سيحضر؟
– كيف اعرف معلومات عنهم؟
– كم يعرفون عن الموضوع؟
– هل يختلفون معي؟
– ما موقعي بين المتكلمين؟
– هل للمكان أثر علي؟
– ما الوضع العام في البلد أو المكان الذي ستكون فيه المحاضرة؟
– هل هناك ظروف خاصة يجب مراعاتها؟
سادسًا- عرض الموضوع على الملأ:
وهي خطوة الإخراج الفعلي للموضوع الذي تم اختياره بعناية وفي وقت ومكان مناسبين، ويمكن أن تكون هذه الخطوة قبل وبعد اكتساب مهارة الإلقاء لكنها لن تظهر بالمظهر المناسب واللائق إلا بعد اكتساب مهارة الإلقاء حيث ستؤثر الرهبة المصاحبة لبدايات الإلقاء في مستوى وجودة الأداء.
ولكي يكون العرض متميزًا وقويًا لا بد من توفر أمور مهمة من أهمها:
1. العناية بالمقدمة:
هناك مقولة مفادها أن أهم ما في الكلمة أو الخطبة الكلمات العشر الأولى منها؛ لأن كثيرًا من الناس في عجلة من أمرهم وخاصة فيما يتعلق بالكلمات التي يمكن لسامعها أن يبقى أو ينصرف أو يستمع أو يغلق فالواحد منهم يريد أن يعرف بسرعة ما إذا كان الكلام الذي سيلقى يستحق انتباهه واهتمامه أم لا وهنا تبرز مقدرة وموهبة المتكلم فينبغي عليه أن يحرص على جذب المستمع من أول الكلام، ويكون ذلك عن طريق:
كيف نعتني بالمقدمة
· الاستهلال: فيذكر الله ويحمده ويثني بالصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم لقوله (كل أمر ذي بال لا يبدأ باسم الله ) وفي رواية بحمد الله (فهو أقطع).
· ذكر أسباب طرح هذا الموضوع وأهميته.
· التحدث عن الواقع وربط الموضوع به: وذلك من أجل أن يعطي الأثر الطيب والاستجابة الحسنة.
· التشويق للموضوع: وهنا يجب العلم أن المشاعر الإنسانية بيوت مغلقة وقد نهانا القرآن الكريم أن ندخل بيوتًا غير بيوتنا حتى نستأنس ونسلم على أهلها.
· استعراض عناصر الموضوع: وذلك بذكر رؤوس أقلام الموضوع من أجل أن تكون الفكرة متكاملة لدى المستمع.
· تلخيص الموضوع في ختام الدرس.
2. الأداء الصوتي الجيّد: بأن لا يكون الصوت ضعيفًا لا يكاد يسمع ولا قويًا جدًا يؤذي السامعين ولكن بين ذلك، وأن لا يكون الصوت بطيئًا يجلب الكسل والنوم ولا سريعًا جدًا لا يكاد يفهم بل بينهما.
ومن المفيد والنافع تنويع الأداء الصوتي فلا يكون على وتيرة صوتية واحدة بل يخلط في أدائه بين رفع الصوت وخفضه وبين السرعة والبطء جاعلاً ذلك يأتي بشكل متجانس وسلس ومن غير رفع مزعج ولا خفض لا يسمع، قال أحد الخطباء: “لو قدر علي أن أفقد كل مواهبي وملكاتي وكان لي اختيار في أن أحتفظ بواحدة فقط فلن أتردد في أن تكون هذه هي المقدرة على التحدث؛ لأنني من خلالها سأستطيع أن أستعيد البقية بسرعة”.
3. استخدام التعبيرات المرئية أثناء الإلقاء: وذلك عن طريق استخدام العينين واليدين وتعبيرات الوجه والالتفات يمنًا وشمالاً.
وقد ورد (أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا خطب احمرت عيناه وعلا صوته واشتد غضبه حتى كأنه منذر جيش يقول صبحكم ومساكم)؛ فالعينان من أهم وسائل الاتصال مع الآخرين وهما أداتان لإيصال المشاعر والأحاسيس والمعاني التي ربما تعجز عنها الكلمات ولذا فإن النظر إلى المستمعين أمر مهم أثناء الإلقاء.
ويستعين بالالتفات يمينًا وشمالاً لكي يشمل المكان وحاضريه بنظره المعبر عن الاهتمام والعناية.
واليدان يستخدمهما للدلالة والتأكيد على المعاني التي يتحدث عنها. ويستخدم أيضًا تعبيرات الوجه بما يناسب الكلام الذي يقوله فلها دلالاتها المعروفة، وينبغي أن يتدرج في استخدام هذه التعبيرات حتى يتقنها وتكون أمرًا عاديًا يأتي بلا تكلف؛ لأن التكلف في أداء أي أمر غير مرغوب.
ومنها الإقبال على الجلساء: بحيث يشعر كل فرد من الحاضرين أنه يعنيه ويخصه ويقبل عليه روى عمرو بن العاص رضي الله عنه قال: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبل بوجه وحديثه على شر القوم يتألفه بذلك وكان يقبل بوجهه عليّ حتى ظننت أني أحسن القوم فقلت يا رسول الله: أنا خير أم أبو بكر؟ فقال: أبو بكر، قلت يا رسول الله: أنا خير أم عمر؟ قال: عمر، قلت يا رسول الله: أنا خير أم عثمان؟ فقال: عثمان، فلما سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم صد عني فوددت أني لم أكن سألته).
4. أن يكون عرض الموضوع بطريقة الإلقاء لا القراءة؛
لأن ذلك يؤثر تأثيرًا أكبر، ويجذب السامعين إلى الملقي، ولأن في ذلك استخدام لجوارح مهمة أثناء الإلقاء وهي العينان واليدان والتي لا يتيسر استخدامها أثناء القراءة. واكتساب هذه المهارة لا تأتي إلا أن يكون المتحدث ذا ثقافة واسعة، وأن يكثر من المطالعات الأدبية مع التمرن والمراس.
وقفة مع المواصفات الكلامية:
1. معدل سرعة الكلام: لا يكن كلامك سريعًا لا يفهم ولا بطيئًا فيمل، وإنما ابتغِ بين ذلك سبيلا ً.
2. تكرار المعلومة المهمة.
3. السكتة الخفيفة قبل المعلومة المهمة، والتكلم ببطء عندها.
4. تجنب السكتات الطويلة من غير حاجة.
5. تجنب تكرار كلمة معينة بكثرة لغير حاجة نحو: “يعني، إيش، عرفت، تعرف، سمعت، أقول، شفت كيف، في الحقيقة، في الواقع، هاه، أي نعم …إلخ”.
6. ارفع الصوت عند المعلومة المهمة.
7. لا يكن صوتك شديدًا قويًا، ولا ضعيفًا خافتًا.
وقفة مع المؤثرات الكلامية:
1. المظهر العام.
2. توزيع النظرات.
3. تعبيرات الوجه.
4. تحريك اليد والجسم.
5. وضع الوقوف أو الجلوس.
6. الحركة والانتقال.
7. حافظ على تركيزك في موضوعك.
8. كن إيجابيًا في تفكيرك تجاه نفسك وتجاه المستمعين فأنت قادر على الإلقاء بإذن الله.
5. عرض الموضوع بتسلسل مناسب وذلك بأن يبدأ بمقدمة مناسبة ثم ينتقل إلى عناصر الموضوع حتى يستوفيها ثم يختم بالخاتمة كما سيأتي تفصيل بعض ذلك، ومن الخطأ أن يتكلم في موضوع ثم يتخبط في التنقل بين عناصره بطريقة غير جيدة كأن يتحدث عن الهجرة مثلاً ثم يتكلم عن آخرها ثم أولها ثم وسطها ثم أولها، فالمطلوب ترتيب الأفكار وتسلسلها حسب وقوعها أو حسب ارتباط كل عنصر بما يليه.
6. الاقتصار على موضوع واحد ما أمكن في اللقاء الواحد؛
كي يستوفي الموضوع ولئلا يشتت انتباه السامعين ومشاعرهم بتعدد الموضوعات، ولكي لا ينسي بعضها بعضًا، وهذا هو الأصل الذي ينبغي انتهاجه إلا إذا كانت هناك حاجة لتعدد الموضوعات كأن تكون مناسبة تتعدد فيها الأحداث أو ما شابه ذلك، وإذا كان المتكلم سيتكلم عن أكثر من موضوع فالأفضل أن يجعل بين تلك الموضوعات رابطًا أو أكثر ينتقل بينها من خلاله.
7. الحرص على الاختصار؛ فالاختصار غير المخل مطلب مهم ومنهج ينبغي أن يسير عليه كل خطيب وداعية وهو الأصل الذي يجدر بكل متكلم أن ينهجه إلا أن تكون هناك حاجة ماسة إلى الإطالة في أحيان قليلة فلا بأس ومعلوم حديث النبي صلى الله عليه وسلم الذي أثنى فيه على قصر الخطبة وعدّ ذلك دليلاً على فقه الخطيب.
وأسباب تفضيل الاختصار كثيرة منها: عدم الإملال والإثقال؛ لأن الكلام الطويل يمل غالبًا، ولئلا ينسي الكلام بعضه بعضًا جراء الإطالة، ولأن في الناس من هو منشغل أو مريض أو متعب ويشق عليه طول الخطبة ولغير ذلك.
8. نصائح لجذب الانتباه والتأثير على القلوب: فهذه سهام لصيد الفضائل التي تستعطف بها القلوب، وتستر بها العيوب وتستقال بها العثرات، وهي صفات لها أثر سريع وفعّال على القلوب، فإليك أيها المحب سهامًا سريعة ما أن تطلقها حتى تملك بها القلوب فاحرص عليها، وجاهد نفسك على حسن التسديد للوصول للهدف واستعن بالله.
فائدة:
قال محمد بن الحسن: من طلب العلم بالكلام تزندق، ومن طلب غريب الحديث كذب !
· الابتسامة: هي كالملح في الطعام، وهي أسرع سهم تملك به القلوب وهي مع ذلك عبادة وصدقة (فتبسمك في وجه أخيك صدقة)، وقال صلى الله عليه وسلم: (لا تحقرن من المعروف شيئًا ولو أن تلقى أخاك بوجه طلق) وقال عبد الله بن الحارث: (ما رأيت أحدًا أكثر تبسمًا من رسول الله صلى الله عليه وسلم).
· البدء بالسلام: وهذا سهم يصيب سويداء القلب ليقع فريسة بين يديك لكن أحسن التسديد ببسط الوجه والبشاشة، وحرارة اللقاء وشد الكف على الكف، وهو أجر وغنيمة فخيرهم الذي يبدأ بالسلام، وقال الحسن البصري: “المصافحة تزيد في المودة”، وفي الموطأ أنه صلى الله عليه وسلم قال: (تصافحوا يذهب الغل، وتهادوا تحابوا وتذهب الشحناء).
· إحسان الظن بالآخرين والاعتذار لهم: قال عبد الله بن المبارك: (المؤمن يطلب معاذير إخوانه، والمنافق يطلب عثراتهم)، وإنها أيسر وأفضل طريق للوصول إلى القلوب، وإياك أن تجعل عينيك مرصدًا لحركاتهم وسكناتهم، فتحلل بعقلك التصرفات ويذهب بك كل مذهب، يقول المتنبي:
إذا ساء فعل المرءِ ساءت ظنونه … وصدّق ما يعتاده من توهم
· تشويق المستمعين إلى ما سيقوله: بأن يذكر أمورًا مشوقة … كأن يقول: هناك حدث غريب سأحدثكم عنه …”.
· الإشارة في البداية إلى قصر الزمن الذي سيستغرقه ويكون ذلك بطريقة لبقة كأن يقول: أتحدث إليكم في دقائق معدودة عن كذا وكذا.
· ألا يطيل في صيغة الحمد والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم وهذا في المواعظ والكلمات القصيرة خاصّة … فقد ينصرف كثير من الحاضرين أثناء ذلك.
· الدخول بمدخل مناسب: فالدخول للقلوب كالدخول للبيوت، ولذا فمن الأفضل البحث عن مدخل مناسب لما يراد الحديث عنه، ومن أفضل المداخل التي يمكن استخدامها الأحداث العامة كالأمطار والحوادث الشهيرة والاختبارات والأزمان الشريفة والمناسبات الدينية في وقتها، وكذلك فإن من المداخل الحسنة التعليق على آيات تليت أو حديث سمع وعلى موقف حصل.
· الاهتمام بالعاطفة: العاطفة قاسم مشترك بين جميع الناس، ولذلك تجد الذين يستمعون إلى الداعية الذي يهز العواطف يفوقون بأضعاف مضاعفة عدد الذين يستمعون إلى متحدث في قضايا علمية بحتة أيًا كان موضوعها.
· إيراد قصة أو شعر أو إيراد ما يناسب المقام: وهذه الأمور وما يشابهها كالطرفة تعد من الأمور المحببة إلى النفوس وتجدد نشاط السامع وتقوي انتباهه ولذا فإن لها أهمية بالغة ولا بد أن يكون لدى الداعية محفوظ جيد منها وأن يجعل من ضمن استعداده وتحضيره للموضوع الاستعداد بشيء من ذلك يوافق ما سيتكلم عنه، وتتأكد أهمية ذلك إذا كان زمن الكلام يتجاوز عشر دقائق، وقد وجدت أثناء دروس بعض العلماء الكبار إنهم كانوا يوردون قصة أو شعر أو طرفة أو موقف أثناء دروسهم العلمية الجادة وذلك لإبعاد الملل وتجديد النشاط.
· الابتعاد عن التكلف وإيراد وحشي الكلام وغريب الألفاظ: وذلك لأن المقصد من الكلام إيصال رسالة ذات أهداف معينة إلى السامعين ولا بد لوضوح الرسالة وفهمها من وضوح كلماتها ومعانيها واستخدام الكلمات الغريبة والتعبيرات غير المفهومة مما يناقض ذلك، وفي رأيي أن ذلك لا ينبغي إيراده أبدًا لما فيه من التكلف ولعدم فائدته ولأنه قد ورد ذم مثل ذلك شرعًا.
· الصمت وقلة الكلام إلا فيما ينفع: وإياك وارتفاع الصوت وكثرة الكلام في المجالس، وإياك وتسيد المجالس وعليك بطيب الكلام ورقة العبارة؛ (فالكلمة الطيبة صدقة) وعن أنس رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (عليك بحسن الخلق وطول الصمت فوالذي نفسي بيده ما تجمل الخلائق بمثلهما).
· تبادل الهدية: ولها تأثير عجيب فهي تذهب بالسمع والبصر والقلب، وما يفعله الناس من تبادل الهدايا في المناسبات وغيرها أمر محمود، بل ومندوب إليه على أن لا يكلف نفسه إلا وسعها.
· حسن السمت والمظهر وجمال الشكل واللباس وطيب الرائحة، فالرسول صلى الله عليه وسلم يقول: (إن الله جميل يحب الجمال)، وعمر ابن الخطاب يقول: (إنه ليعجبني الشاب الناسك نظيف الثوب طيب الريح).
· بذل المعروف وقضاء الحوائج: قال صلى الله عليه وسلم: (أحبُ الناس إلى الله أنفعهم للناس) وقالوا (عجبًا لمن يشتري المماليك بماله كيف لا يشتري الأحرار بمعروفه، ومن انتشر إحسانه كثر أعوانه) .
· أعلن المحبة والمودة للآخرين: فإذا أحببت أحدًا أو كانت له منزلة خاصة في نفسك فأخبره بذلك فإنه سهم يصيب القلب ويأسر النفس، ولذلك قال صلى الله عليه وسلم: (إذا أحب أحدكم صاحبه فليأته في منزله فليخبره أنه يحبه).
· لا تعتذر عن سوء التحضير قبل التحدث ولا بعده.
· الإيجاز في الإجابة وعدم التعجل فيها.
· تجنب الفتوى: فللفتوى أهلها.
· عدم إحراج المستمعين بالأسئلة التي لا يستطيعون الجواب عليها.
· الابتعاد عن الحركات الكثيرة.
· كن لطيفًا في تعاملك ومهذبًا في سلوكياتك.
· شاور الآخرين تستحوذ على قلوبهم.
· زر غبًا تزدد حبًا.
· ادعُ الناس بأحب الأسماء إليهم.
· حاول أن تنسى.
· لا تكن كالذبابة، تقع على كل ما هو سوء.
· احذر من ارتداء النظارة السوداء.
· ترفّع عما في أيدي الناس تكن محبوبًا لديهم.
· لا تنفخ البالونة حتى تنفجر.
· اكسب الجدل بأن تتجنبه.
· لا تكن لوّامًا.
· الاستعداد للمفاجأة
9. الاهتمام بالخاتمة:
وذلك لأنها آخر ما يسمعه المستمعون من الملقي وهي أقرب الكلام إلى التذكر، ومن أفضل ما يجعل في الخاتمة موجز قصير لأبرز ما تم الكلام عنه ويستحسن جعل ذلك على هيئة عناصر مختصرة، كما أنه يفضل التركيز في الخاتمة أيضًا على أهداف الكلمة أو الخطبة التي يريد وصول السامعين إليها.
وقفة مع بناء الشخصية:
قد تعتري المرء بعض المشاعر في بعض المواقف يستشعر فيها من نفسه بنقص في شخصيته، إذا وجد نفسه مهمشًا في موقف هام أو وجد نفسه غير ذي حظ حيث يفوز المؤثرون وأقوياء الشخصية، وقد أصبح وصف الشخصية بالنقص تعبيرًا شائعًا في كثير من أوساط الشباب وهم في غالب الأحيان لا يدركون كنهه الحقيقي، فإن الشعور بذلك النقص قد يكون وهمًا داخليًا ارتبط بالإنسان منذ صغره وطفولته، وقد يكون ناتجًا من عدم معرفة الإنسان بقدراته وطاقاته التي يتميز بها، ولا زلت أذكر تلك القصة التي مفادها “أن هناك فيل صغير وقع في فخ الصيادين في إفريقيا، وبيع في الأسواق لرجل ثري يملك حديقة حيوانات متكاملة، وبدأ المالك على الفور في إرسال الفيل إلى بيته الجديد في حديقة الحيوان، وعندما وضع الفيل في المكان الجديد، قام عمال هذا الرجل الثري بربط أحد أرجل الفيل بسلسلة حديدية قوية، وفي نهاية هذه السلسلة وضعوا كرة كبيرة مصنوعة من الحديد والصلب، ووضعوا الفيل في مكان بعيد عن الحديقة، حينها شعر الفيل بالغضب الشديد من جراء هذه المعاملة القاسية، وعزم على تحرير نفسه من هذا الأسر، ولكنه كلما حاول أن يتحرك ويشد السلسلة الحديدية كانت الأوجاع تزداد عليه، فما كان من بعد عدة محاولات إلا أن يتعب وينام، وفي اليوم التالي يستيقظ ويفعل نفس الشيء لمحاولة تخليص نفسه، ولكن بلا جدوى حتى يتعب ويتألم وينام، ومع كثرة محاولاته وكثرة آلامه وفشله، قرر الفيل أن يتقبل الواقع، ولم يحاول تخليص نفسه مرة أخرى على الرغم أنه يزداد كل يوم قوة وكبر حجمًا، لكنه قرر ذلك وبهذا استطاع المالك الثري أن يروض الفيل تمامًا، وفي إحدى الليالي عندما كان الفيل نائمًا ذهب المالك مع عماله وقاموا بتغيير الكرة الحديدية الكبيرة لكرة صغيرة مصنوعة من الخشب، مما كان من الممكن أن تكون فرصة للفيل لتخليص نفسه، ولكن الذي حدث هو العكس تمامًا، فقد تبرمج الفيل على أن محاولاته ستبوء بالفشل وتسبب له الآلام والجراح، وكان مالك حديقة الحيوانات يعلم تمامًا أن الفيل قوي للغاية، ولكنه كان قد تبرمج بعدم قدرته وعدم استخدامه قوته الذاتية، وفي يوم زار فتى صغير مع والدته وسأل المالك: هل يمكنك يا سيدي أن تشرح لي كيف أن هذا الفيل القوي لا يحاول تخليص نفسه من الكرة الخشبية؟ فرد الرجل: بالطبع أنت تعلم يا بني أن الفيل قوي جدًا، ويستطيع تخليص نفسه في أي وقت، وأنا أيضًا أعرف هذا، ولكن المهم هو أن الفيل لا يعلم ذلك ولا يعرف مدى قدرته الذاتية”.
نعم أيها الأحبة -حفظكم الله- معظم الناس تبرمج منذ الصغر على أن يتصرفوا بطريقة معينة ويعتقدوا اعتقادات معينة، ويشعروا بأحاسيس سلبية معينة، واستمروا في حياتهم بنفس التصرفات تمامًا مثل ذلك الفيل وأصبحوا سجناء في برمجتهم السلبية، واعتقاداتهم السلبية التي تحد من حصولهم على ما يستحقون في الحياة.
وبغير إسهاب نستطيع أن نقول أن كل موقف سلبي يمر بالإنسان من صغره ولم يستطع أن يؤثر فيه كما يرتضي يعتبر مكونًا صغيرًا من مكونات هذا الشعور السيئ بضعف الشخصية والعكس صحيح فكل موقف إيجابي يمر بالمرء ويوفقه الله في أن يكون مؤثرًا فيه ويرضى عن سلوكه فيه يكون عنصرًا مهمًا من مكونات قوة شخصيته.
إن التغيير أمر حتمي ولا بد منه، فالحياة كلها تتغير والظروف والأحوال تتغير حتى نحن نتغير من الداخل، فمع إشراقة شمس يوم جديد يزداد عمرك يومًا، وبالتالي تزداد خبراتك وثقافاتك ويزداد عقلك نضجًا وفهمًا، ولكن المهم أن توجه عملية التغيير كي تعمل من أجل مصلحتك أكثر من أن تنشط للعمل ضدك.
وأما الآن سنبحر معك في خطوات أظنها قادرة على تغيير الشخصية ولها أثر في اكتساب القدرة على الإلقاء والخطابة والتدريس أو الجرأة أمام الآخرين في أي موقف قد يحدث بطريقة عادية أو مفاجئة.
لكي ينجح إلقاؤك لا بد من توفر:
· الجرأة في التحدث أمام الآخرين: وذلك بالتغلب على الخوف والخجل والتردد.
· أسلوب مؤثر في طريقة نقل الأفكار للآخرين: سيأتي بيانه.
· إعداد ناجح للكلمات والعروض والمحاضرات.
· استغلال طاقات الصوت.
خطوات مساعدة للتغلب على الخوف:
، استعن بالله تعالى، واخلص عملك له، واسأله التوفيق والتيسير.
، اقرأ شيئًا من كتاب الله تعالى قبل المثول بين يدي المشاركين.
، صلِ ركعتين ثم ارفع يديك بالدعاء.
، اطلب الدعاء من والديك أو من أهل بيتك.
، تصدق قبل المحاضرة، أو امسح على رأس اليتيم، أو تقرب إلى الله بأي عمل صالح.
، استغفر الله من ذنوبك ومعاصيك.
، تبرأ من حولك وقوتك، والجأ إلى حول الله وقوته، وتوكل عليه وحده.
، حضّر تحضيرًا جيدًا، واقرأ كثيرًا كل ما يخص موضوع البرنامج.
، يمكنك عمل خريطة ذهنية (Mind Mapping) .
، رتب الموضوع ترتيبًا منطقيًا ومتسلسلاً ليسهل تذكره.
، تفهم فكرتك جيدًا قبل أن تتحدث بها “حدد هدفك”.
، احفظ ما تريد قوله في جزئية محدد جيدًا، واحرص على تكراره كثيرًا.
، تمرن على ما تريد قوله، وجرّب عرضك له في بيتك، ثم تعرف على أخطائك وحاول تلافيها “اعمل بروفة”.
، احرص على إعداد مقدمة مركزة وقوية ومحفوظة حفظًا جيدًا.
، خاطب نفسك وأقنعها بالمقدرة والنجاح، ولسوف تنجح بإذن الله تعالى.
، كن طبيعيًا، وأحذر التكليف والتنطع.
، كن أنت، واستخدم كلماتك وعباراتك، ولا تقلد كثيرًا، وإذا كان ولا بد فقلّد أفضل الموجود ثم طورهُ وحسنهُ.
، حاول الارتجال، وتجنب القراءة الكثيرة من ورقة أو مذكرة.
، ضع أمامك رؤوس أقلام الموضوع.
، أعطِ تركيزًا خاصًا للدقائق الخمس الأولى.
، حسّن مظهرك، وطيب نفسك، ورتب هندامك.
، افحص كافة المعدات والأجهزة والمساعدات المرئية، وتدرب على استعمالها.
، توقع المشكلات الممكن حدوثها، واستعد لها.
، تدرب على التعامل مع الأسئلة الصعبة والرد عليها، ولا تخجل من قول لا أعلم.
، احرص على المبادرة والإقدام، وكن شجاعًا جريئًا.
، تحدَّ نفسك، وأرغمها على المجازفة، وأقنعها أن المراتب العالية لا تتأتى إلا بالمجازفة والإقدام والهمة العالية وخوض الصعاب.
، وافق على بعض الخوف على أساس أنه طبيعي وجيد.
، ذكّر نفسك بأن كل رجل مشهور كان عرضة للخطأ، فلا حرج من الإخفاق في الأمر.
، تصور نفسك متحدثًا جيدًا، واعتقد أن الجمهور في صفك.
، تخيل أن الحضور لا يفهمون شيئًا، أو افترض عدم معرفتهم تمامًا بالموضوع أو ضآلة معلوماتهم في هذا الشأن .
، أقنع نفسك أن تبعات خوض هذا المضمار أخف وطأة من تبعات التراجع والتردد والرضا بالدون “فمن رضي بالدون دني”.
، استشر أولي الخبرة والاختصاص فلعلك تجد عند بعضهم ما يثبت فؤادك ويقوي جنانك ويثير همتك.
، تذكر دائمًا أننا نخطئ كثيرًا عندما نعتقد أن الحضور يحصون حركاتنا إحصاءً دقيقًا.
، تدرج في التدريب والإلقاء والخطابة، وابدأ في منتديات صغيرة ومع فئات قليلة ذات المستويات المحدودة.
، إن استطعت أن تبدأ التدريب والإلقاء والخطابة أمام أناس تربطك وإياهم صلات وثيقة فافعل.
، احضر دورة تدريب مدربين وشارك في دورات تساعدك على بناء الشخصية وزيادة ثقافتك.
، أمسك بجسم صلب “عصا أو خشبة المنبر أو أطراف المنصة أو غير ذلك” إن تيسر لك ذلك.
، خذ نفسًا عميقًا ثم أخرج الهواء إخراجًا هادئًا لتهدأ نفسك.
، ابتسم ابتسامة خفيفة.
، ابدأ الكلام بحمد الله والثناء عليه.
، إذا لم تستطع النظر إلى عيون المشاركين فانظر أعلى قليلاً من مستوى رؤوسهم أو انظر إلى جباههم.
، تصنع التمكن والاستعداد والثقة بالنفس “من حيث النظرات والالتفات والحركة وغيرها”.
، تحدث بهدوء واضبط أعصابك وإن تكلفت ذلك.
، عرّف نفسك للمشاركين، وتعرف عليهم “أنا أخوكم فلان، وإياك أن تثني على نفسك بالتعريف وذلك أدعى للإخلاص وخوفًا من أن تقع في أخطاء تكشف زيغ تعريفك”.
، أذب الجليد، وأوجد وضعًا غير رسمي “ودي وأخوي” أثناء البرنامج أو المحاضرة.
، ابدأ بتناول الموضوعات السهلة والبسيطة والتي لا تثير جدلاً ولا اعتراضًا.
، استخدم لغة الجسم بإتقان مع تجنب التكلف.
، تحرك بخطوات ثابتة وهادئة داخل القاعة وفي أوساط المشاركين، وأحرص على حفظ أسماء المشاركين واستخدامها.
، أشرك المتدربين في الحوار والنقاش، واحرص على الرد على الاستفسارات والأسئلة وعدم التردد في مجابهة المواقف أو تمييعها.
كيف أبدأ بإلقاء أول محاضرة:
1. إلقاء الموضوع ” الموعظة” بصوت مرتفع في مكان خال ويتخيل أن أمامه جمع من الناس ويكرر ذلك.
2. بعد فترة من ذلك، يقوم بإلقائه أمام جمع من الصغار مثلاً أو أمام أناس لا يتحرج منهم.
3. بعد فترة من الزمن يلقي “نفس الموضوع” في مسجد يرتاده بعض من لا يشعر بالحرج أمامهم كبعض العمال أو أمام طلاب فصل في الابتدائي، ولا بأس إن يكون المسجد بعيدًا عن مكان سكناه للتغلب على التحرج بعد الدرس.
4. لا بأس أن يقوم بإلقائه في مسجد أكبر وفيه من يشعر بالحرج منهم ولكن عددهم قليل وهكذا يتدرج في المساجد والأماكن ويكثر من تكرار ذلك إلى أن تتكون لديه ملكة يزول معها أي حرج من الإلقاء، وهذا يحصل عادة بعد زمن ليس بالطويل، وكلما ازداد الشخص ممارسة ازدادت ملكته وقدرته وخبرته إلى أن يصير الإلقاء سجية لا يتكلفها ويمكنه القيام بها في أي وقت وأي مكان.
لكي ينجح إلقاؤك لا بد من توفر:
· الجرأة في التحدث أمام الآخرين، وذلك بالتغلب على الخوف والخجل والتردد.
· أسلوب مؤثر في طريقة نقل الأفكار للآخرين سيأتي بيانه.
· إعداد ناجح للكلمات والعروض والمحاضرات.
· استغلال طاقات الصوت.
كيف يمكن العلم بموقف المدعو من شكله الخارجي:
في هذا الفصل من الكتاب سنتعرف على كيفية الحكم على موقف المدعو من كلام الداعية أو المحاضر من شكله وأجزاء جسمه الخارجي، وما سنورده هنا يرجع لتجارب علمية وتدريبات في البرمجة اللغوية العصبية، وهو كلام جمع من مواقع البرمجة اللغوية العصبية على شبكة المعلومات الدولية.
تبين جميع الأبحاث المتوفرة أن لغة الجسد هي الجزء الأهم من أي رسالة تنتقل إلى الشخص الآخر وإن ما بين ؟ 50-80% ) من المعلومات يمكن أن تنقل بهذه الطريقة وأن الرسالة غير الشفوية المنقولة هي غنية، ومعقدة في طبيعتها، وتحتوي على تعابير الوجه والقرب من الشخص المتكلم، وحركات اليدين والقدمين، وملابس الشخص المتكلم ونظراته، وتوتره، وانفعالاته وما إلى ذلك.
أولاً- العين
نعمة من الرب سبحانه تمنحنا واحدًا من أكبر مفاتيح الشخصية التي تدلنا بشكل حقيقي على ما يدور في عقل من أمامنا، ستعرف من خلال عينيه ما يفكر فيه حقيقة، ولعل من أهم ما تعتمد عليه البرمجة اللغوية العصبية ما يسمى بالنظام التمثيلي البشري: هو حركات العين، بعض ما تعنيه إشارات حركات العين .
1. إذا رأيت الذي أمامك اتسع بؤبؤ العين عنده وبدا للعيان فإن ذلك دليل على أنه سمع منك شيئًا أسعده، أو أعجبه.
2. أما إذا ضاق بؤبؤ العين فالعكس هو الذي حدث، فانتبه وحاول أن تعيد الفكرة بطريقة مسعدة أخرى.
3. إذا ضاقت عيناه ربما يدل على أنك حدثته بشيء لا يصدقه فأعده عليه بطريقة منطقية أكثر تتناسب مع عقله وتفكيره.
4. إذا اتجهت عينه إلى أعلى جهة اليمين فإنه ينشئ صورة خيالية مستقبلية.
5. إذا اتجه بعينه إلى أعلى اليسار فإنه يتذكر شيئًا من الماضي له علاقة بالواقع الذي هو فيه.
6. إذا نظر إلى أسفل فإنه يتحدث مع أحاسيسه وذاته حديثًا خاصًا يشاور نفسه في موضوع ما، وتراه يروح بعينيه يمينًا ويسارًا يتحدث مع ذاته ويشاور أحاسيسه، دقق النظر فيه وهو في هذه الحالة فإنك تراه في الأغلب قد حبس نفسه أو بدأ يتنفس ببطء، ثم فجأة يأخذ نفسًا عميقًا سريعًا ويتكلم أو يرفع رأسه، وهذا يعني أنه وجد شيئًا هامًا ووصل إلى نتيجة هامة أو قرار حيال الأمر الذي تكلمه فيه.
ثانيًا- الحواجب:
1. إذا رأيت شخصًا رفع حاجبًا واحدًا فإن ذلك يدل على أنك قلت له شيئًا إما أنه لا يصدقه أو يراه مستحيلا “إذا لم تصدق اذهب إلى المرآة الآن وجرب أنك ترفع حاجبا واحدا ،،، وإذا لم تستطع تذكر أمرا مستحيلا ولاحظ حاجبك كيف يرتفع”.
2. أما إذا رفع كلا الحاجبين فإن ذلك يدل على المفاجأة.
3. إذا قطب بين حاجبيه مع ابتسامة خفيفة فإنه يتعجب منك ولكنه لا يريد أن يكذبك.
4. إذا تكرر تحريك الحواجب فإنه مبهور ومتعجب من الكلام ” وتردد الرسيفر الخاص بالبث المنطقي لكلامك تدخل على دماغه بأكثر من موجة تردد وشكل”، طبعًا تقطيب الحاجبين يرافقها زم الشفتين زمة خفيفة”.
ثالثًا- الأنف والأذنان:
1. إذا حك المستمع أنفه أو مرر يديه على أذنيه ساحبًا إياهما فهو متحير بخصوص ما تقوله ومن المحتمل أنه لا يعلم مطلقًا ما تريد منه أن يفعله.
2. وضع اليد أسفل الأنف فوق الشفة العلية دليل أنه يخفي عنك شيئًا ويخاف أن يظهر منه، وبعضهم لديه عادة نسميها لازمة شم الأصابع فهو يضعها أسفل أنفه ويشمشمها.
3. أما نكش الأنف بالسبابة فهذا إشارة أن الشخص قد أسقط كل حدود الكلفة بينك وبينه أو أنه لا يحسن التصرف.
4. تحريك فتحتي الأنف وإغلاقها بحركة لا إرادية تتناغم مع التنفس هذه دليل أن الذي أمامك على وشك البكاء، وهو في المراحل الأخيرة للبكاء فانتبه.
5. يلجأ البعض عند التشكيك بكلام يقال أمامهم إلى لمس الأذن.
6. إذا لاحظت الشخص كثير الإمساك بأنفه بالإبهام والسبابة، وأنت تحدثه فهذا دليل أن لديه كلامًا كثيرًا، وأنت لا تدعه يتكلم.
رابعًا- جبين الشخص :
1. إذا قطب جبينه وطأطأ رأسه للأرض في عبوس فإن ذلك يعني أنه متحير أو مرتبك أو أنه لا يحب سماع ما قلته للتو، وخاصة أذا زامنه زفرات من التنفس.
2. أما إذا قطب جبينه ورفعه إلى أعلى فإن ذلك يدل على دهشته لما سمعه منك.
وللجبين دراسات عميقة يحللون من خلالها الإنسان
خامسًا- الأكتاف:
1. عندما يهز الشخص كتفه فيعني أنه لا يبالي بما تقول.
2. رفع الأكتاف إلى الأذنين إشارة إلى أن الشخص يفكر في البرد أو أن لديه أحاسيس تملكت عليه عضلاته.
3. رفع كتف واحدًا فقط إشارة على الرفض.
4. إرجاع الكتفين إلى الخلف مع استواء الرقبة في المشي وعدم ميلانها إشارة إلى أن الشخص بصري ويلاحق صورًا بصرية أمامه، وإذا فعلته الفتاة فهي إشارة أنها استعراضية كأنها تقول لاحظوني ولاحظوا قوامي.
5. ضم الكتفين إلى جهة الصدر إشارة إلى أن الشخص حديث عهد بالبلوغ، ومن يتصف بهذه الصفة حريص على أن يخفي مشاعره، وربما تكون إشارة إلى أنه كثير الديون وخاصة إذا صاحبها طأطأة للرأس كأنه حامل كيس ثقيل على كاهله.
سادسًا- الأصابع:
نقر الشخص بأصابعه على ذراع المقعد أو على المكتب يشير إلى العصبية أو عدم الصبر.
سابعًا- الذراعين:
1. حين يضم الشخص ذراعيه على صدره فهذا يعني أن هذا الشخص يحاول عزل نفسه عن الآخرين أو يدل على أنه خائف بالفعل منك.
2. وضع اليدين على الطاولة باتجاه الشخص المتحدث فهذه بمثابة دعوة لتكوين علاقة حميمة.
3. في حال كون الذراعين متصلتين فمعنى ذلك أن الشخص بحالة دفاعية سلبية.
تدريبات:
· ابدأ بالانتباه الواعي للغة أجسام الناس حيث يمكن أن تشاهد التلفزيون لمدة عشر دقائق مع إخفاء الصوت كليًا.
· دوّن بعض الملاحظات عن لغة أجسام الناس المحبوبين والمحترمين والمسموعين: كيف يقفون أو يجلسون؟
– ما نوع التعابير التي يملكون؟
– ماذا تفعل أيديهم، وأقدامهم؟
– ما نوع النظرات التي يملكونها؟
– ما هي الوسائل غير الشفوية التي يمتلكونها؟
– هل يتصرفون بعكس لغة أجسادهم الإيجابية وهل هذا يؤثر عليهم؟
هذه الإشارات السبع تعطيك فكرة عن لغة الجسد ككل وكيف يمكن استخدامها ليس فقط في إبراز قوة شخصيتك ولكن التعرف فيما يفكر الآخرون بالرغم من محاولاتهم إخفاء ذلك، وهي ومضة سريعة، نسأل الله أن نكون وفقنا في تبسيط الصورة ونقل المعلومة.