أولت الشريعة الإسلامية الأخلاق الفاضلة أيما اهتمام، وحثّت عليها، وأعلت من شأنها، ورتبت عليها الأجور العالية، وأمهات الأخلاق ترجع إلى خلق أصيل هو: «الصدق» ذلك الخلق الذي يُعَدُّ ضرورة اجتماعية، لا يمكن لمجتمع أن يستغني عنه، فهو أحد الأسس التي يقوم عليها بناء المجتمع الإسلامي، (والإيمان أساسه الصّدق، والنّفاق أساسه الكذب، فلا يجتمع كذب وإيمان إلّا وأحدهما يحارب الآخر. وأخبر سبحانه أنّه في القيامة لا ينفع العبد وينجّيه من عذابه إلّا صدقه)[1]، فقال تعالى: {قَالَ اللَّهُ هذا يَوْمُ يَنْفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها أَبَداً رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ}[2]، ولقد وضع الإسلام قواعد لتربية هذا المجتمع على الصدق واتخذ كل الوسائل الكفيلة لغرس هذا الخلق العظيم في نفوس أفراده جميعًا صغاره وكباره، رجاله ونسائه، وجعل فضيلة (الصدق) جامعة ومرجعًا للأخلاق الفاضلة، ورتب عليها آثارًا حميدة في الحياة الفردية والاجتماعية والأخروية، ستتبين في ثنايا هذا البحث، ومن هنا تأتي أهمية هذا البحث، أسأل الله تعالى أن يجعل أعمالنا خالصة لوجهه الكريم وأن ينفعنا بما علمنا من العلم النافع.
[1] نضرة النعيم في مكارم أخلاق الرسول الكريم، 6/2447.
[2] سورة المائدة، آية 119.