• الدخول | التسجيل
    • تسجيل جديد
    • دخول الأعضاء
    • فقدت كلمة المرور

بحث

تسجيل جديد

اسم المستخدم , إنجليزي فقط *

البريد الإلكتروني *

النوع

حساب فيس بوك

حساب تويتر

حساب انستقرام

قوقل بلص

قناة اليوتيوب

حساب سكايب

رقم الهاتف


CAPTCHA Image
[ تحديث ]

دخول الأعضاء

اسم المستخدم

كلمة المرور


CAPTCHA Image
[ تحديث ]

فقدت كلمة المرور

الرجاء إدخال اسم المستخدم أو عنوان البريد الإلكتروني. سيتم إرسال رابط إلى بريدك الإلكتروني تستطيع من خلاله إنشاء كلمة مرور جديدة.

CAPTCHA Image
[ تحديث ]

مؤسسة وقف دعوتها
  • من نحن؟
  • برامجُنـا
  • شُركاء النجاح
  • المرصد الصحفي
  • منارات دعوية
    • الأسرة والمجتمع
    • التربية والتعليم
    • الفكر والثقافة
    • حوار الأفكار
    • فقه الدعوة
    • فقه الاحتساب
    • تجارب دعوية
    • ميدان دعوتها (المناشط والفعاليات)
  • مكتبة دعوتها
    • أبحاث دعوتها
    • مجلة دعوتها
    • تقارير دعوتها
    • خلاصات دعوية
    • إنتاجها
  • اتصل بنا
أبحاث دعوتها > الوسوسة والوسواس القهري .

الوسوسة والوسواس القهري .

الوسوسة والوسواس القهري من منظور شرعي نفسي.
إتحاد بنت محمد العيني.  

مدخل:
الحمد لله الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله وكفى بالله شهيدًا، والصلاة والسلام على محمد -صلى الله عليه وسلم- وعلى آله وأصحابه ومن سار على نهجه وتمسك بسنته واهتدى بهديه إلى يوم الدين، قال عز وجل: (وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ) الأعراف: 158.
اقتضت حكمة الله -عز وجل- عداوة الشيطان لبني آدم قال عز وجل: (رَبِّ بِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَلَأُغْوِيَنَّهُم أَجْمَعِينَ) الحجر: 39، فما زال من تلك الساعة يكيد لبني آدم تارة بالشهوات، وتارة بالشبهات، وتارة بالتفريط، وتارة بالإفراط ومجاوزة الحد المشروع، ومن ذلك الوسوسة التي يثيرها لبعض الناس.
من هنا نتكلم عن وساوس أدت إلى حالة مرضية تقضّ مضاجع الآمنين، وهي الحالة التي تصل بصاحبها إلى الكآبة الشديدة والمؤدية إلى ضياع النفس والحياة التي لا قيمة لها بنظره وهي مجموعة الأفكار غير المنطقية، وتصرفات إجبارية ناتجة عن القلق.
وتتفاوت أعراض الوسواس من شخص إلى آخر، وبذلك سنتكلم عن الوسواس من جانبين هما: المنظور الشرعي والمنظور النفسي.

الفصل الأول: مفاهيم الوسواس القهري.
المبحث الأول: تعريف الوسواس لغةً واصطلاحًا.
الوسواس لغةً: “الصوت الخفي والوَسْوَسة والوِسْواس حديث النفس”.
الوسوسة: مصدر قولهم: وسوس يوسوس مأخوذة من مادة (وسس) التي تدلّ على صوت غير رفيع.
الوسوسة اصطلاحًا: “إِلقَاءُ معنًى في النَّفْسِ بِمُبَاشَرَةِ سَبَبٍ نَشَأَ مِنَ الشَّيْطَانِ لَهُ
ما يلقيه الشّيطان في القلب”.
وقال الرّاغب: “الوسوسة: الخطرة الرّديئة”، وقال الكفويّ: “الوسوسة القول الخفيّ لقصد الإضلال، والوسواس: ما يقع في النّفس من عمل الشّرّ وما لا خير فيه”، وقيل: الوسواس مرض يحدث من غلبة السّوداء يختلط معه الذّهن.
وقال ابن القيّم رحمه اللّه: “الوسوسة: الإلقاء الخفيّ في النّفس إمّا بصوت خفيّ لا يسمعه إلّا من ألقي عليه، وإمّا بغير صوت كما يوسوس الشّيطان إلى العبد”.
والوسواس حاصل بلا مرض، ولكنه يتضاعف في المرض الروحاني، وقد وردت وسوسة الجن والتعوذ منها في سورة الناس، جاء في تفسير الآية: (الوسواس الخناس) الشيطان جاثم على قلب ابن آدم فإذا سها وغفل وسوس، وإذا ذكر الله خنس (من الجنة والناس)، بيان للذي يوسوس وأنهم نوعان: إنس وجن؛ فالجني يوسوس في صدر الإنسي، والإنسي أيضًا يوسوس إلى الإنسي، فالموسوس نوعان إنس وجن، والموسوس إليه نوع واحد وهو الإنس، والوسوسة هي الإلقاء الخفي في القلب وهذا يشترك بين الجن والإنس.
قال ابن تيمية: “(الوسواس الخناس) يتناول وسوسة الجنة ووسوسة الإنس، أي معنى للاستعاذة من وسوسة الجن فقط، مع أن وسوسة نفسه وشياطين الإنس هي مما تضره وقد تكون أضر عليه من وسوسة الجن”.
إذًا تأتي الوسوسة من أمور طارئة أصابت بعض الأشخاص مما أدى إلى اضطراب في التركيز من أثر الصدمة يظهر هذا الكلام في حديث عثمان بن عفان -رضي الله عنهما- (لما قبض النبي -صلى الله عليه وسلم- وسواس ناس من أصحابه، فكنت في من وسوس، الراوي أبو بكر الصديق.، أحقًا مات الرسول -صلى الله عليه وسلم- أم لم يمُت) يعني حصل له نوع من الوسوسة، والصدمة واختلط الكلام بداخله وصار له نوع من الدهشة هل مات رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أم لم يمت.
ويُقال: وسوسة إليه نفسه وسوسةً إذا تكلم كلامًا خفي، بينه وبين نفسه هو ما يسميه علماء النفس حديث النفس.
إذن هل الوسوسة من الشيطان أم من النفس هي من الاثنين معًا حديثًا يلقي الشيطان في قلب العبد أو صدره تأخذه النفس وتكرره، فالوسوسة مزيج من إلقاء الشيطان وحديث النفس.
“المصدر: إتحاف الخيرة المهرة ج1/64”.

المبحث الثاني: تعريف الوسواس القهري.
المطلب الأول: في الكتاب والسنة:
(فَوَسْوَسَ إِلَيْهِ الشَّيْطانُ قالَ يا آدَمُ هَلْ أَدُلُّكَ عَلى شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لا يَبْلى) طه: 120، (وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ وَنَعْلَمُ ما تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ) ق: 16، (قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ،  مَلِكِ النَّاسِ، إِلهِ النَّاسِ، مِنْ شَرِّ الْوَسْواسِ الْخَنَّاسِ، الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ، مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ) الناس: 1-6، عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إنّ اللّه تجاوز لأمّتي عمّا وسوست -أو حدّثت- به أنفسها ما لم تعمل به أو تكلّم) “البخاري”، وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (يأتي الشيطان أحدكم فيقول: من خلق كذا وكذا؟ حتّى يقول له: من خلق ربك؟ فإذا بلغ ذلك فليستعذ بالله ولينته) “مسلم”

وعن جابر -رضي الله عنه- قال: سمعت النبيّ -صلى الله عليه وسلم- يقول: (إنّ عرش إبليس على البحر، فيبعث سراياه فيفتنون الناس، فأعظمهم عنده أعظمهم فتنة) “مسلم”، وروى مسلم في صحيحه عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: جاء ناس من أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم- فسألوه إنا نجد في أنفسنا ما يتعاظم أحدنا أن يتكلم به قال: (وقد وجدتموه! قالوا: نعم، قال: (ذاك صريح الإيمان) “مسلم”.
نعم هذا هو دليل الإيمان حيث إن الصحابة -رضوان الله عليهم- عندما شعروا بذلك أصابهم الهم والغم وذهبوا يشكون ذلك لمن لديه علم بطب العقول والنفوس وهو النبي صلى الله عليه وسلم.
استعظامكم التكلم به وشدة خوفكم منه هو صريح الإيمان فإن استعظام ذلك وشدة الخوف منه أو التكلم به هو صريح الإيمان وليس المراد أن الوسوسة نفسها صريح الإيمان بل هي من قبيل الشيطان.

المطلب الثاني: كلام أهل العلم والعلماء:
صنف بعض العلماء السابقون الوسواس بحسب فهمه وتصوره للوسواس لذلك جاء مرتبطًا بالنفس والشيطان في أغلب الأحوال، منهم من صنفه باعتباره “الطريق الذي تسلكه الوسوسة” من هؤلاء العلماء “أبو حامد الغزالي رحمه الله” قال: “الوسوسة تنقسم إلى ثلاثة أنواع: الوسوسة عن طريق تلبيس بالحق قال رحمه الله إن الشيطان حريص على إهلاك وإغواء الإنسان لقوله تعالى: (إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا) فاطر: 6، وقال تعالى: (يَا بَنِي آدَمَ لَا يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُم مِّنَ الْجَنَّةِ) الأعراف: 27، واستخدام الشيطان في ذلك أن يكون الظاهر حقًا وفي الباطن يحمل الباطل مثال: أن يملي للإنسان بالتوبة وأن العمر ما زال طويلاً فلذلك نجد أن هذا الشخص يسترسل بعمل المعاصي والشهوات، بينما المستنير بنور الله المتعلم الذي أكثرَ من الاطلاع على الكتاب والسنة وطلب العلم فإنه لا يدخل عليه مثل هذا التلبيس ويستطيع ردع الشيطان وكبته -بإذن الله- وتذكر عقاب الله وتذكر الجنة وما أعدله الله فيها من النعيم الدائم، هذا الصنف من الممكن قطعه بالكلية، قال الغزالي رحمه الله “فهذا نوع من الوسواس ينقطع بالكلية عن العارفين المستبصرين بنور الإيمان والمعرفة
والوسوسة عن طريق تحريك الشهوة وهيجانها ويكون من نوعين النوع الأول أن يدرك الإنسان أن تلك الشهوة معصية يقينًا؛ فإن هذا الإنسان الذي يعلم أنها معصية يقينًا يتركها، ويستطيع قطع مثل هذه الوسوسة، والنوع الثاني أن يدرك الإنسان أن تلك الشهوة معصية بغالب الظن، والإنسان الذي يعلم أنها معصية بغالب الظن فإنه يحتاج إلى مزيد من المجاهدة تدفع تلك الوسوسة
لذلك قال الشيخ -رحمه الله- الوسوسة بمجرد الخواطر مثل حال المرء في الصلاة حيث تتوارد عليه الخواطر من كل صوب ويذكره الشيطان بكل شيء وهدف الشيطان من ذلك هو حرمان الإنسان من الخشوع في الصلاة، هذا الوسواس لا يتصور قطعه بالكلية.
ثم تكلم الشيخ الحسن بن محمد الطيبي -رحمه الله- الوسوسة الضرورية وهو ما يجري في الصدر من الخواطر ابتداء ودفعها يصعب قال تعالى: (لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا) البقره: 286، وقال: الوسوسة الاختيارية المراد بها ما يجري بالقلب من خواطر ولكي تستمر يسترسل معها الإنسان مع أنه بإمكانه قطعها، قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-
الوسوسة من حيث مصدرها إلى ثلاثة أنواع:
1- وسوسة النفس أي حديث النفس، قال تعالى: (وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ) ق: 16.
2- وسوسة الشيطان، قال تعالى: (فَوَسْوَسَ لَهُمَا الشَّيْطَانُ) الأعراف: 20.
3- وسوسة شياطين الإنس والمراد به الوسوسة في هذا القسم الإنسان قد يحدث نفسه بعضها بعض سرًا لتزين له المعاصي، قال تعالى: (الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ) الناس: 4.
قال الشيخ: فالذي يوسوس في صدور الناس نفسه وشيطان الجن وشيطان الإنس والوسواس الخناس يتناول وسوسة الجن ويذهب بالاستعاذة بالله، وما يضره وسوسة نفسه وشيطان الإنس قد تكون أضر عليه من وسوسة الجن.

الفصل الثاني: أسباب الوسواس القهري:
المبحث الأول: أسباب الوسواس القهري.
يُعتبر مرض الوسواس القهري الأكثر شيوعًا حيث يعاني واحد من كل 40 من البالغين، وطفل واحد من كل 200، ويتميز هذا المرض بأفكاره المتكررة المزعجة وساوس أو أفعال قهرية، ويكون مدرك تمام أن هذه الأفكار والأفعال غير منطقية وغير صحيحة وتافهة ولا معنى لها ولكنه لا يستطيع السيطرة عليها، والتحكم بها مع ملاحظة أن الإنسان السليم يمكنه دفع مثل هذه الأفكار، إضافةً إلى أنها مجموعة من الأفكار الصغيرة والمتوسطة التي تسيطر على العقل وتزاوده وتلازمه مع عجزه عن دفعهاا وطردها أو التخلص منها، خصوصًا إذا كان هذا الشخص موسوس أو صادف أنه مصاب ببعض الأمراض الروحانية مثل المس أو السحر أو العين فإن تأثره يكون أكثر من الشخص غير المصاب بهذه الأمراض.
وإن مريض الوسواس قد يتصور أشياء رهيبة عن الذات الإلهية أو الأنبياء أو الدين أو الأخلاق ولا يمكنه دفعها أو سب قهري لأشياء مقدسة وغالية على النفس مثل: سب الله تعالى -والعياذ بالله- أو سب الأنبياء أو في الطهارة أو الصلاة مع عجزه عن دفعها أو وقف مثل هذه الأفكار، ودائمًا ما تأتي الوساوس لمنع أو تجنب بعض الأحداث المفزعة المتصورة في عقل المريض مثل الخوف من الموت أو المرض أو النجاسة أو الشك بالآخرين.
مرض الوسواس لا يقتصر على فئة محددة بل قد يصيب الدكتور والعالم والريفي والحضري والمتعلم وغير المتعلم، قد تكون في الغلو أو التكلف أو التشدد في بعض الأمور الدينية أو الحياتية أو التساهل بالمعاصي وهجر القرآن الكريم وتطبيق أحكامه والعمل به وكذلك ترك أذكار الصباح والمساء والانشغال عنها بأمور دنيوية والتساهل بالقضاء على بوادر الوسوسة ووجود أقوام لا تطمح أنفسهم إلى شرب الخمر أو المعاصي قد أوقعهم بالوسوسة في الصلاة أو طهارة أو العبادات أو العقيدة، وقد يكون وراثيًا، وقد يكون بسبب اضطراب في النواقل العصبية في المخ أي سبب عضوي لا بد له من طبيب نفسي، وقد يكون الوسواس القهري عقب ظهور ضغوطات شديدة في العمل أو عقب الولادة أو الحمل أو عقب امتحانات أو وفاة إنسان عزيز، أو في التربية أو اختلاط المفاهيم، أو الترف، وإذا صادف مريض الوسواس القهري إصابته بعين أو سحر أو مس فإنه تأثره يكون أقوى.
وبعض الأطباء فرّق بين الوسواس القهري والوسوسة، فقد قال بعض الأطباء النفسيين والباحثين في النفس: بأن مرض الوسواس القهري قد يصيب الكافر وهو لا يوجد في قلبه ذرة توحيد ولا معرفة بالله، ويستطيع الشيطان التلاعب به في كل وقت، وقالوا أن ربط الوسوسة بالوسواس القهري لفظًا فقط كلمة وسواس التي تنسب عادة إلى الشيطان، وجعل هذا بعض الناس يربطون ذلك المرض به، ولو غُيرت كلمة الوسواس بالاستحواذ القهري بدلاً عن الوسواس حتى تخف حدة ذلك الالتباس، ولا يزال الاختلاف ظاهرًا كبيرًا في مصدر الوسواس وأسبابه بين العلماء والأطباء النفسيين؛ مما أوقع الموسوس بحيرة كبيرة هو في غنى عنها، وساعد كثيرًا في تعقيد عملية شفائه، فهو يثق بالعالم كثيرًا، كما يثق بصدقه وحرصه الظاهر، كما أن العالم الشرعي يعمل لله تعالى لا يطلب منه مالاً ولا يريد شكرًا بل يريد وجه الله تعالى، فيسمع منه كلامًا ونصحًا، لكن الموسوس لا يطبقه فلا يستفيد؛ فيذهب للطبيب النفسي، ويسمع منه كلامًا يخالف ما فهمه من العالم ويبدأ الطبيب بإقناعه بما يراه فيقع الموسوس في حيرة كبيرة! من الصادق منهما؟ هل هو العالم الشرعي الذي يعمل لوجه الله تعالى ولكنه قد يجهل بعض أسرار النفس البشرية، أم هو الطبيب الذي قد تخفى عليه كثيرًا من الأحكام، لكنه خبيرًا بالنفس وطبيعيتها.
ومن الأطباء النفسيين من تكلم في ذلك وقال بعدم وجود علاقة مباشرة للشيطان بمرض الوسواس القهري وذكر بعد ذلك بأنه لا يمكن أن يقطع بذلك مع -غلبة الظن به- وذلك لأننا نبحث في أمور غيبية نؤمن بمجمل تأثيرها، لكن لم ينقل لنا طبيعة ذلك التأثير أو خصوصيته، وكذلك وجود بعض الرقاة الذين لا يؤمنون بأن مرض الوسواس القهري مرض عضوي ويقولون أنه من الشيطان وليس للطب النفسي بهذا مجال؛ لذلك يجب الموازنة بين الأطباء النفسيين والرقاة بأن الوسواس له تأثير من جانب الشيطان وخاصة إذا وُجد في هذا الشخص مرض كالعين، وكذلك يجب على الرقاة معرفة أن الوسواس القهري مرض عضوي لا بد من تدخل الأطباء النفسيين فيه فهو كأمراض السكري أو الضغط.

المبحث الثاني: أعراض الوسواس القهري.
هي أفكار وتخيلات متكررة لا إرادية،  تتسم بأنها تفتقر إلى منطق، هذه الوساوس تثير الإزعاج والضيق عادةً خصوصًا عند محاولة توجيه التفكير إلى أمورٍ أخرى، أو عند القيام بأعمال أخرى.
وتتمحور هذه الوساوس بشكل عام حول موضوع معيّن، مثل: وسواس الشيطان -وهو الوسواس الذي يكون سببه الشيطان- وعادةً ما يكون في الأمور الدينية، كالوسواس التي تصيب الشخص في الصلاة أو الوضوء، الخوف والهلع من الموت، تكرار الطهارة قبل الصلاة، الخوف الشديد من الطلاق، كثرة الاغتسال، أفكار دينية مستحوذة، الخوف من الاتساخ أو التلوّث، الحاجة إلى الترتيب والتناظر، رغبات عدوانية جامحة، أفكار أو تخيّلات تتعلق بالجنس، وتشمل الأعراض المرتبطة بالوسواس: خوف من العدوى نتيجة لمصافحة الآخرين، أو لملامسة أغراض تم لمسها من قِبَل الآخرين، شكوك حول قفل الباب أو إطفاء الفرن، أفكار حول التسبب بأذى الآخرين في حادثة طرق، ضائقة شديدة في الحالات التي تكون فيها الأغراض غير مرتّبة كما يجب أو أنها لا تتجه في الاتجاه الصحيح، تخيّلات حول إلحاق الأذى بالأبناء -أبناء الشخص الذي يتخيّل- رغبة في الصراخ الشديد في حالات غير مناسبة، الامتناع عن الأوضاع التي يمكن أن تثير الوسواس، كالمصافحة مثلًا، تخيّلات متكرّرة لصور إباحيّة.
وآثاره: قد تكون التهابات في الجلد من جراء غسل الأيدي بوتيرة عالية، ندوب جلدية نتيجة المعالج المفرطة له، تساقط الشعر أو الصلع الموضعي، نتيجة لنتف الشعر.

المبحث الثالث:
كيف تعامل الشرع مع الوسوسة.
اختلف العلماء من حيث المصاب بالوسوسة والمريض بالوسواس القهري بين الإعفاء المطلق وعدم الإعفاء، وبين ما يستقر بقلب الموسوس وما لا يستقر، فقالوا في ذلك:
أولاً- ما كان حديث نفس ولم يتكلم به ولم يعمل به فإنه معفي عنه، لحديث أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال صلى الله عليه وسلم: (إن الله تجاوز لأمتي ما حدثت به أنفسها ما لم يتكلم أو يعملوا به) “رواه البخاري ومسلم”.
ثانيًا- ما كان التجاوب مع الوسواس وأوصله إلى مرحلة الجنون فهذا وسواس قهري ولم يستطع مدافعته فهذا أيضًا معفي عنه لقوله تعالى: (لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَها) البقرة: 286.
ثالثًا- ما كان من قبيل إلقاء الشيطان فهذا محرم على المسلم متابعته.

الفصل الثالث:
طرق علاج الوسواس القهري.
المبحث الأول:
علاج الوسواس القهري من منظور شرعي.
التخلص من الوسواس القهري:
إنّ من أهم العلاجات التي ينصح بها للتخلص من الوسواس القهري هو: القرآن الكريم؛ فالالتزام بقراءة القرآن هو أمر مهم للتخلّص من الوسواس القهري، وعلاج لمعظم الأمراض، وكذلك يبعد الشيطان عن الشخص، ويطرده من دماغه، ولكن يجب على الشخص الذي يعاني من هذا الوسواس أن يصدّق ويؤمن أنّه من الشيطان الرجيم، وألا يستجيب لهذه الأفكار، ويقوم بالتغافل عنها، ويتركها، ولا يقوم بالأعمال التي يدله الشيطان عليها، قال تعالى: (وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ) البقرة: 208ّ.
أمثلة على الوسواس القهري:
من الأمثلة على الوسواس القهري شخص لديه فكرة بأنه مصاب بمرض خطير جدًا، فبدأت الأعراض في جسده بالظهور كاضطراب في المعدة والقولون، فأصبح لديه فكرة بأنه مصاب بمرض خطير، فالحل لهذا الوسواس أن يقوم بتغيير تفكيره، ويصدّق بأنّها فكرة من الشيطان، ولا يقوم بالاستجابة له، وأيضًا أن يقوم بقراءة القرآن بشكل مستمر كي يتخلّص من هذه الأفكار السلبية بذكر الله، الاستعاذة، الانتهاء من الاسترسال بالوسوسة، الصحبة الصالحة، الرقية الشرعية.
مثال آخر: وسواس الطهارة، عن سهل بن حنيف قال كنت ألقي من المذي شدة وعناء وكنت أُكثِر من الاغتسال فذكرت ذلك لرسول -صلى الله عليه وسلم- قال صلى الله عليه وسلم: (إنما يجزيك عن ذلك الوضوء) فقلت يا رسول الله كيف يصيب ثوبي منه قال: (يكفيك أن تأخذ كف من ماء فتتضح به ثوبك حيث ترى أنه قد أصابه)، ويفهم من لفظة (فترش عليه) أنه ليس للإنسان بأن يأخذ بالأشد بل عليه أن يعلم أن التخفيف من مقاصد الشريعة فيكون الرش مجزئًا كالغسل.
وقد يتساءل البعض ويقول: أحيانًا لا يتعلق الوسواس بأمور العبادة فكيف يكون من الشيطان؟ فالقول: يقول الله تعالى: (إِنَّمَا النَّجْوَى مِنَ الشَّيْطَانِ لِيَحْزُنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَلَيْسَ بِضَارِّهِمْ شَيْئًا إِلا بِإِذْنِ اللَّهِ،  وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ) المجادلة: 10، ونفهم من هذه الآية أن الشيطان يبذل كل ما في وسعه من أجل أن يصاب المؤمن بالحزن في أمور كثيرة كالمناجاة بين رجلين دون الثالث فيبدأ الشيطان يوسوس للرجل الثالث أن المتناجيَين يريدان به سوءًا ليحزن ذلك المؤمن، فالشاهد هنا أن الشيطان يسعى جاهدًا في أن يعيش المؤمن في قلق وحزن بأساليب كثيرة ومن ضمنها الوساوس القهرية والأفكار التسلطية.
بعض الخطوات للعلاج:
الخطوة الأولى- التهيئة النفسية:
1- أن تخلو بنفسك في غرفة هادئة بعد أن تتوضأ وتقرأ الورد اليومي ثم تصلي ركعتين تدعو فيهما ربك بإخلاص أن يعينك على الشفاء، ثم تجلس جلسة مريحة مصطحبًا معك دفترًا وقلمًا.
2- أن تسأل نفسك الأسئلة التالية وحاوِل أن تجيب عنها بصراحة تامة بينك وبين نفسك:
– منذ متى وأنا أعاني من الوسواس؟
– هل أنا موسوس بالفطرة أم طرأ علي الوسواس ولماذا؟
– هل الأعمال التي تصدر مني هي جائزة شرعًا أم هي محرمة؟
– أيُعقل أن يكون الناس كلهم على خطأ وأنا وقلة معي هم المصيبون؟
الخطوة الثانية- ابدأ بتخيل أفعالك الوسواسية الخاطئة أو التي تشك أنها وسواسية واحدًا واحدًا، ثم اعزم على ترك السلوك الوسواسي وفعل السلوك الصحيح، مع تخيل نفسك وأنت تفعل السلوك الصحيح ولا مانع من كتابته، مثال: تخيل طريقتك في الوضوء عندما تكرر البسملة أكثر من مرة، ثم اعزم على أن تقولها مرة واحدة فقط عند الوضوء ثم تخيل هذا الموقف الجديد بتفاصيله ثم اكتبه في الدفتر.
الخطوة الثالثة- وهي أن تصلي صلاة الاستخارة “من غير وسوسة”، حيث تصلي ركعتين كالنافلة ولكنك تقول بعد السلام دعاء الاستخارة عندها ستشعر -بإذن الله- بعزيمة صادقة لا تقبل التردد ولا الخور على ترك وتجنب جميع السلوكيات والاعتقادات والأوهام الوسواسية وستجد العون من الله تعالى بحوله وقوته.
خطوة تطبيق العلاج وتكون في ثلاثة أركان:
الركن الأول- التجاهل التام: وهو تجاهل جميع الأفكار الوسواسية صغيرها وكبيرها وعدم الالتفات لها نهايئيًا، ويجب ألا يكتفي المتعالج بعدم فعل السلوك الوسواسي بل يجب عدم التفكير به أيضًا، فلو توضأ إنسان ثم أحس بخروج شيء منه فيجب ألا يلتفت لهذا الأمر نهائيًا بل يذهب إلى الصلاة مباشرة كما يجب عليه ألا يحاول إقناع نفسه بعدم خروج شيء منه؛ لأن محاولة الإقناع هي وسواس في حقيقة الأمر يجب مقاومتها، واعلم أيها المتعالج أن أفضل علاج للوسواس هو تجاهل الفكرة مع بقاء الإحساس بالخطأ.
الركن الثاني- المواجهة وعدم الفرار: ونقصد بالمواجهة أن يواجه المتعالج الفكرة الوسواسية بكل شجاعة ويلغي فكرة الهرب نهائيًا ثم يثبت في المواجهة! مثال: قد يدخل المتعالج في المسجد للصلاة في جهة اليسار ويبدأ الضغط عليه للانتقال إلى اليسار في هذا الأمر لا بد من الثبات والمواجهة له وعدم الفرار.
الركن الثالث- الثبات والصمود: والمقصود بالصمود والثبات أمران:
أولاً- هو صمود المتعالج على تجاهل الفكرة الوسواسية وعدم تنفيذها أو التفكير بها.
ثانيًا- استمرار المتعالج بالعبادة وعدم قطعها مهما واجه من أفكار، وذلك بأن يستمر بالصلاة والوضوء والغسل وغيرها من العبادات ولا يقطعها أبدًا، والصمود والثبات غالبًا ما يكون بعد التجاهل وبعد المواجهة، وهذا الركن هو أهم أركان العلاج؛ لأن جميع الأركان تستند عليه فلو فشل الإنسان في الصمود فقطعًا سيفشل بركن المواجهة وركن التجاهل أيضًا؛ لأنه لا يمكن أن يكون هناك تجاهل ومواجهة فعالة مع عدم الثبات والصمود!
الخطوة الأخيرة من خطوات العلاج: الاستمرار على العلاج والاستعداد الكامل لمقاومة العقبات.

المبحث الثاني:
علاج الوسواس القهري المعرفي.
يُلخص بمقاومة وتغير الأشياء والأفكار الخاطئة في حسابات الخاطر أو تضخيم الإحساس بالمسؤولية الشخصية والذي يُلاحظ غالبًا في مرض الوسواس القهري.
وإن هذه المفاهيم والمواقف الخاطئة لها دور كبير في وجود واستمرار أعراض الوسواس؛ لذلك يجب مناقشتها وتغيرها لما لها من أثر على السلوك، مثال: الرجل الذي يخاف من الفكرة الوسواسية بأنه سيلقي بطفل الوليد الحبيب من النافذة أن هو حمله لكي يلاعبه ويهدهده فيقوم باختبار نفسه بحمل الطفل والوقوف بجانب النافذة لكي يختبر نفسه أنه لم يفعل ذلك، وهذه الاختبارات هدفها هو معادلة الأفكار المتطفلة على العقل والحصول على الراحة المؤقتة من القلق الذي تسببه هذه الأفكار ولذلك فهي تجعل الشخص أسيرًا لهذه الأفكار الوسواسية.

المبحث الثالث:
علاج الوسواس القهري السلوكي.
إن القلق عادةً ما يقل بعد مواجهة الشيء المثير والمقلق والمخيف فترة كافية، مثال: مريض لديه وسواس في الجراثيم لا بد أن يبقى في مواجهة أو ملامسة الأشياء التي يظن أنها ملوثة حتى يختفي القلق المتعلق بها، وتكرار تعرض المريض للمثير للشيء المخيف أو المقلق يقل بذلك القلق تدريجيًا حتى يختفي.

المبحث الرابع:
علاج الوسواس القهري الدوائي.
تبين فاعلية الدواء في علاج الوسواس القهري في محاولات ودراسات كثيرة في الواقع العملي، مجموعة تقوم بتثبيط استرجاع مادة السيرو تونين إلى داخل الخلية العصبية، وتعتبر هذه المجموعة بقلة الأعراض الجانبية وهي من أكثر الأدوية فاعلية في علاج الوسواس القهري، وتكون الجرعة بدايةً (4-8) أسابيع وإذا لم تتحسن (5-9) أسابيع من بدء العلاج يُضاف إليه أدوية أخرى إذا لم يتحسن خلال شهرين إلى ثلاثة أشهر، وعند التحسن الكامل يجب الاستمرار في تناول الدواء؛ لأن هناك مرض بحاجة إلى العلاج المستمر.

الخاتمة:
بعد أن منّ الله عليّ بإتمام هذا البحث عن الوسوسة من منظور شرعي ومنظر نفسي توصلت إلى عدد من النتائج نوجزها فيما يلي:
1- الارتباط بالله -عز وجل- ورسوله -صلى الله عليه وسلم- وسيرته وسيرة الصحابة وكيف كان تعاملهم مع هذه الأمراض والأعراض هو المخرج الأساسي لمثل هذه الأمراض.
2- سؤال أهل العلم وأهل الاختصاص من الأطباء وعلماء النفس عن هذه الأمراض والتواصل معهم، مع مراعاة الاعتماد التام على الله سبحانه وتعالى.
3- استخدام بعض الحلول من الذين سبق لهم الإصابة بمثل هذه الأمراض واتباع بعض التوجيهات التي يوصون بها.
4- اليقين بأن الله -عز وجل- (لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلا وُسْعَهَا) البقرة: 268.

التوصيات:
بناءً على ما توصلت إليه من نتائج خلال الدراسة والبحث فإني أوصي بما يأتي:
1- لا بد من التهيئة النفسية والاطلاع على علوم الكتاب والسنة من حيث البحث عن أعراض الوسوسة والتعامل معها من منظور شرعي.
2- الإعراض عن ما يثير النفس ويجعلها مهيئة لمثل هذه الأمراض وذلك من خلال ربطها بمعرفة أسماء الله وصفاته واليقين الذي يعلو بالروح البشرية ولا يجعلها عرضة للأمراض الوسواسية أو الأمراض الروحانية من مس أو عين أو سحر.
3- على المهتمين بهذا المجال نشر ثقافة هذا المرض وأسبابه وأعراضه بين الناس.
4- فتح محاضن تربوية، ومحاضرات ودورات تدريبية ونشرها في أوسع نطاق.

المراجع:
1- الوسوسة وحكمها في الفقه الإسلامي، حامد بن مده بن حميدان الجدعاني.
2- الوسواس القهري مرض نفسي أم أحاديث شيطانية، طارق الحبيب.
4- الوسواس القهري رؤية شرعية، رقية المحارب.
5- الوسواس القهري دليل عملي للمريض والأسرة والأصدقاء، محمد شريف سالم.
6- أيها الوسواس وداعًا، عبد الله المحيميد.

الوسوسة والوسواس القهري .

2022-03-16
0 321
(0)(0)

وصلة دائمة لهذا المحتوى : https://wdawah.com/%d8%a3%d8%a8%d8%ad%d8%a7%d8%ab-%d8%af%d8%b9%d9%88%d8%aa%d9%87%d8%a7/%d8%a7%d9%84%d9%88%d8%b3%d9%88%d8%b3%d8%a9-%d9%88%d8%a7%d9%84%d9%88%d8%b3%d9%88%d8%a7%d8%b3-%d8%a7%d9%84%d9%82%d9%87%d8%b1%d9%8a/

مؤسسة وقف دعوتها

Copyright © 2023 wdawah.com All Rights Reserved.

Powered by Tarana Press Version 3.5.8
برمجة وتصميم ترانا لتقنية المعلومات | ترانا بريس